بين غياب الردع والصمت الاجتماعي.. تصاعد جرائم قتل النساء في إيران
بين غياب الردع والصمت الاجتماعي.. تصاعد جرائم قتل النساء في إيران
كشفت صحيفة “اعتماد” الإيرانية، عن أرقام مروّعة لحوادث قتل النساء على يد رجال من أسرهن في مختلف أنحاء البلاد، مشيرةً إلى أن ما بين 45 و62 امرأة قُتلن خلال الأشهر الستة الأولى من العام الإيراني الحالي الذي بدأ في 21 مارس الماضي.
وأوضحت الصحيفة، اليوم الأحد، أن هذه الجرائم لم تعد حوادث فردية، بل ظاهرة متنامية تعكس هشاشة المنظومة القانونية والاجتماعية في التعامل مع العنف ضد النساء، خصوصًا في المناطق الريفية والمحافظات الحدودية.
عرضت “اعتماد” في تقريرها سلسلة من القصص المأساوية التي هزّت المجتمع الإيراني، ومنها مقتل شهلا كريمياني (38 عامًا) على يد زوجها ودفنها سرًا في مدينة مهاباد، وقتل امرأة ثمانينية في طهران على يد ابنها، وفرشته دربان (29 عامًا) التي أُحرقت جثتها في ضواحي مشهد بعد أن قتلها والدها.
الحياة ثمن الطلاق
ذكرت الصحيفة أن مريم جعفري (34 عامًا) لقيت حتفها في المدينة ذاتها على يد زوجها إثر طلبها الطلاق، في حين قتلت فتاتان بلوشيتان، ريحانة درزاده (23 عامًا) وساجدة سندك زهی (20 عامًا)، على يد زوجيهما في مدينة خاش بمحافظة سيستان وبلوشستان.
وتحدثت الصحيفة أيضًا عن مأساة ليلا (18 عامًا) من مدينة زنجان التي أُحرقت حيّة بعدما رفضت الزواج من أحد الرجال.
وروى شقيقها أن الأسرة تقدمت بشكاوى متكررة ضد الجاني بسبب تهديداته، إلا أن السلطات لم تتخذ أي إجراء وقائي “لأن شيئًا لم يحدث بعد”، إلى أن وقعت الجريمة.
قتل بدعوى الشرف
أشار التقرير إلى أن بعض ضحايا جرائم القتل كنّ أمهات قُتلن على يد أبنائهن بدعوى “الشرف والغيرة”، بسبب زواجهن مجددًا بعد الطلاق أو وفاة الزوج.
وفي 26 أكتوبر الماضي، أعلن “اتحاد علماء الاجتماع في إيران” تسجيل 63 حالة قتل زوجات منذ مارس، في إحصائية تعكس حجم الخطر المتفاقم الذي تواجهه النساء داخل بيوتهن.
وحذّرت صحيفة “اعتماد” من انهيار الردع القانوني ضد قتل النساء، معتبرة أن “الرجال في إيران باتوا لا يخشون ممارسة العنف أو القتل”، لأن القوانين لا تفرض عقوبات صارمة على الجناة.
القانون لا يحمي النساء
نقلت الصحيفة عن ناشطات مدنيات قولهن إن “القانون لا يحمي النساء كما يجب”، إذ غالبًا ما تُعامل هذه القضايا بتساهل بحجة الدوافع العائلية أو “الدفاع عن الشرف”.
وقالت ناشطة من مدينة مريوان: “هناك الكثير من الجرائم تُدفن في صمت، لأن القاتل يكون قريبًا من العائلة، فلا يملك الأب الشجاعة لطلب القصاص من ابنه القاتل لأخته”.
وأوضحت ناشطة أخرى من خوزستان أن المجتمع ما زال يرى في “قتل النساء لاستعادة الشرف” نوعًا من “إثبات الرجولة والسيطرة”، ما يجعل الظاهرة أكثر تعقيدًا وخطورة.
شككت الصحيفة في دقة الإحصاءات الرسمية الصادرة عن السلطات القضائية، مؤكدة أن العديد من حالات قتل النساء تُسجّل تحت بند “القتل العمد” دون الإشارة إلى كونها جرائم “قتل زوجات” أو “عنف أسري”، ما يجعل تتبع الظاهرة صعبًا.
وأضافت أن كثيرًا من الجرائم لا تصل إلى وسائل الإعلام، إذ تُخفى عمدًا لأسباب اجتماعية أو عائلية، في حين تُنشر بعضها فقط عبر شبكات التواصل الاجتماعي من قبل ناشطين.
تأخر تشريعي يزيد المعاناة
ورغم مرور سنوات على طرح “لائحة حماية وصون كرامة النساء في مواجهة العنف”، أكدت الصحيفة أنها لم تدخل بعد مرحلة التنفيذ.
وفي 28 أكتوبر الماضي، وعدت نائبة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة والأسرة زهرا بهروز آذر بأن الحكومة “ستعمل على إعداد لائحة تنفيذية جديدة تتيح المضي قدمًا في تطبيقها”، لكن المراقبين يرون أن هذه الوعود تبقى حبرًا على ورق، طالما استمر ضعف الإرادة السياسية في مواجهة واحدة من أخطر مظاهر العنف الأسري في إيران المعاصرة.










